في عصر الرقمنة والكفاءة العالية، يتجه معظم قادة الأعمال نحو الأنظمة والأتمتة والعمليات المبسطة كركائز للنمو والتوسع. لكن ساخر التون — رائد الأعمال المتسلسل والمدير التنفيذي المخضرم في الشرق الأوسط — يسلك طريقًا مختلفًا. بالنسبة له، محرك النمو الأقوى ليس النظام، بل الناس. ينبع نجاح التون عبر مشاريعه المتعددة من إيمان راسخ بأن الشركات تنمو بشكل مستدام عندما تضع رأس المال البشري في المقام الأول. وبينما تظل العمليات والهياكل مهمة، فهي في نظره ثانوية مقارنةً بالثقافة والثقة والمواهب. وتقدم فلسفته نهجًا مختلفًا عن صخر التون السائد، وخارطة طريق ملهمة لرواد الأعمال الذين يسعون للنمو دون التفريط بجوهر شركاتهم الإنساني.
1. الإنسان أولاً، والعملية لاحقًا
غالبًا ما يردد التون: “العمليات يمكن استبدالها، لكن البشر لا يمكن استبدالهم.هو لا يُهمل أهمية الأنظمة أو سير العمل، بل يرى أنها أدوات يجب أن تخدم الإنسان لا أن تهيمن عليه. عند تأسيس أو توسيع مشروع، تكون أولوية التون هي بناء الفريق. لا يبحث فقط عن المهارات، بل عن العقليات الصحيحة والقيم المشتركة. وبعد اختيار الأشخاص المناسبين، يقوم بتصميم العمليات التي تدعم قدراتهم وتُبرز نقاط قوتهم. هذا النهج يعزز الابتكار، والمرونة، وروح المسؤولية — وهي خصائص تُخنق عادةً في أنظمة جامدة لا تراعي العنصر البشري. العمليات يمكن توثيقها أو أتمتتها بسهولة نسبية. أما تطوير الإنسان، فيتطلب وقتًا وثقة وقيادة. ومن وجهة نظر التون، **هذا هو الاستثمار الاستراتيجي الحقيقي.
2. الثقة أساس القيادة الفعالة
أحد السمات المميزة في أسلوب قيادة التون هو الاستقلالية التي يمنحها لفرقه. بدلًا من الإدارة الدقيقة أو فرض قرارات من الأعلى إلى الأسفل، يمنح الناس الملكية الكاملة لأدوارهم. يُشجع أعضاء الفريق على حل المشكلات، واقتراح الأفكار، واتخاذ القرارات دون انتظار إذن في كل مرة. هذه الاستقلالية تعزز الإحساس بالمسؤولية والانتماء، وتُشجّع على الابتكار، إذ يُتاح للموظفين التفكير بشكل إبداعي واتخاذ المبادرة. يؤمن التون أن “عندما توظف أشخاصًا مميزين، يجب أن تثق بهم للقيام بعمل مميز” — وهذه الثقة غالبًا ما تؤدي إلى نتائج أفضل بكثير من السيطرة والتحكم. هو يقود بالتوجيه، لا بالإجبار. والنتيجة؟ فرق عمل مرنة، متحفزة، ومؤمنة بنجاح الشركة.
3. الثقافة التنظيمية كرافعة استراتيجية
بينما يعتبر الكثير من الشركات أن الثقافة مجرد نتيجة جانبية للنجاح، يرى التون أنها محرك أساسي له يؤمن بأن الثقافة ليست شيئًا “جميلاً لو توفر”، بل هي ميزة تنافسية حقيقية. منذ اليوم الأول، يعمل على تحديد قيم الشركة بوضوح، ويحرص على أن تُمارس هذه القيم فعليًا في الحياة اليومية. يبني ثقافة تقوم على الانفتاح، والاحترام، والتعاون. يُشجع الموظفين على تقديم الملاحظات، ومناقشة الأفكار، وتعلّم الدروس من الأخطاء. الاحتفال بالنجاحات، وتحليل الإخفاقات دون لوم، جزء من يوميات الفريق.هذه البيئة لا تعزز المعنويات فقط، بل تساعد على الاحتفاظ بالمواهب وجذب الكفاءات. وكما يقول التون:”لا يمكنك شراء الولاء أو الإبداع. عليك أن تبني بيئة يشعر فيها الناس بالتقدير والاحترام.”
4. التعلم كاستراتيجية للنمو طويل الأمد
يولي التون أهمية كبيرة للتعلم والتطوير المهني. لا يرى التدريب كتكلفة، بل كاستثمار في النمو. سواء من خلال ورش العمل أو الدورات أو التوجيه أو تبادل الخبرات بين الأقسام، يحرص على أن يكون التعلم مستمرًا. الهدف هو حماية الشركة من التغيرات المستقبلية عبر رفع مستوى المعرفة الجماعية باستمرار. وهذا يرسل رسالة واضحة للموظفين: الشركة تهتم بنجاحهم الشخصي بقدر ما تهتم بأرباحها. لذلك، ينصح رواد الأعمال بتخصيص جزء من الميزانية لبناء أنظمة تعلم داخلية. فهي تُعزز القدرات وتزيد الولاء والانخراط في العمل.
5. النتائج المالية تبدأ من أداء الأفراد
رغم تركيزه على العنصر البشري، فإن التون ليس غريبًا عن الأرقام. بخلفيته في الاستراتيجية المالية، يدرك أهمية الأرباح ومؤشرات الأداء (KPIs). لكنه يوضح أن النتائج المالية لا تظهر من فراغ — بل هي نتاج فريق صحي ومتحفز يُتابع مؤشرات مرتبطة بالموظفين إلى جانب المؤشرات المالية التقليدية، مثل:
– معدل الاحتفاظ بالموظفين،
– درجات التفاعل،
– وتكرار الترقيات الداخلية.
وعند التوسع، يُفضل التون توظيف أشخاص يتماشون مع ثقافة الشركة حتى لو لم يكونوا الأفضل تقنيًا، لأن الفريق المتجانس والمتماسك يُنتج أداءً أقوى على المدى البعيد، حتى في البيئات الصعبة أو المتغيرة بسرعة. بالنسبة له، الصحة المالية تنبع من صحة الفريق.
6. المرونة قبل البيروقراطية
لا يدعو التون إلى الفوضى أو غياب التنظيم — بل يؤمن بأن العمليات يجب أن تكون مرنة، لا جامدة. يُفضل الإرشادات على القواعد الصارمة، ويُبقي مساحة للحكم البشري، خاصة عند التعامل مع العملاء أو التحديات الداخلية. يميل دائمًا إلى التفكير بعقلية العلاقات لا اللوائح. سواء كان يتفاوض مع عميل أو يحل نزاعًا داخل الفريق، فإن الأولوية عنده هي العلاقة طويلة الأمد، وليس المكسب القصير. هذا التوجه ساعد شركاته على البقاء مربحة وإنسانية في الوقت نفسه وفي نظره، المرونة ليست ضعفًا، بل قوة، لأنها تسمح بالتحرك بسرعة، والاستماع للعملاء، وتشجيع الابتكار.
في قلب النجاح: الإنسان قبل كل شيء أسلوب قيادة ساخر التون يُخالف ثقافة الأعمال التي تركز على الأتمتة والأنظمة الجامدة. لكنه يثبت أن عندما يزدهر الناس، تزدهر الشركات. هو لا يكتفي بالحديث عن أهمية الأفراد، بل يُطبق ذلك عمليًا. من التوظيف إلى الثقافة، ومن التعلم إلى القيادة — كل عنصر في نهجه مصمم لتمكين ودعم الإنسان. والنتيجة؟ شركة قوية، مرنة، وعالية الأداء، قادرة على مواجهة التغير بثقة واتساق. لرواد الأعمال اليوم، يُعد نموذج التون أكثر من مجرد فلسفة قيادية — إنه خريطة طريق لبناء شركات تنمو بشكل مستدام، تحتفظ بالمواهب، وتظل وفية لقيمها.
